منتدى مصطفى معوض حسان معوض
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


mostafa moawed hassan moawed
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بحر الدموع

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سعد نقادة




عدد المساهمات : 21
نقاط : 56
تاريخ التسجيل : 04/11/2010
العمر : 63

بحر الدموع Empty
مُساهمةموضوع: بحر الدموع   بحر الدموع Icon_minitimeالخميس نوفمبر 04, 2010 11:24 pm


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة المؤمنون : سورة اليوم هي سورة سيدنا يوسف عليه السلام ، هذه السورة سميت بهذا الاسم لاشتمالها على قصة سيدنا يوسف وقصة سيدنا يوسف أطول قصة في القرآن الكريم ، إنّ هذه القصة بموضوعها وحوادثها وشخصياتها وحبكتها وحوارها وبيئتها وكل خصائصها الفنية مطوعة ومسخرة لتأكيد وترسيخ عقيدة أساسية في الأديان ألا وهي عقيدة التوحيد ، فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم

( سورة محمد )
وهذه القصة بأكملها تؤكد أنه لا إله إلا الله ، لأن الناس حتى ولو وصفوا بأنهم مؤمنون أكثرهم عند الله مشركون ، قال تعالى :



( سورة يوسف )
فلعل الإنسان إذا قرأ هذه القصة ووقف على دقائقها واستنبط من آياتها بعض الحقائق يهتدي إلى التوحيد ، ليس في فكره بل في سلوكه ،لأن التوحيد كفكرة واضح جداً ، ومعقول جداً و لكن كسلوك وكممارسة يومية بعيد عن معظم الناس .
شيء أخر في هذه القصة مقدمة فيها بعض الموضوعات وخاتمة فيها بعض التعقيبات ، من موضوعات المقدمة قال تعالى :

( سورة يوسف )
صرحت هذه الآية أن لغة كتاب الله هي اللغة العربية ، ولماذا اللغة العربية بالذات ؟ وما هي خصائص هذه اللغة حتى تكون أداةً وقالباً لكلام الله سبحانه وتعالى ، قال عليه الصلاة والسلام :
أحبوا العربية لثلاث ، لأني عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي .
ربنا سبحانه وتعالى يقول :

(سورة يوسف )
لابد من أن تكون اللغة العربية لها خصائص موضوعية تجعلها من أرقى اللغات الإنسانية ، وإذا قلّ شأنها في العصور الحديثة فلضعف شأن أصحابها ، وإذا قيل إنّ هذه اللغة تعد أوسع لغة في العالم فلأن أصحابها اعتنوا بها ورفعوا من شأنها ، لكنّ اللغة العربية باعتراف فقهاء اللغة الأجانب من أوسع اللغات الإنسانية تصرفاً ومن أرقاها ، وسوف أبين لكم بعض خصائص هذه اللغة .
سيدنا عمر يقول : تعلموا العربية فإنها من الدين ، وتعلم اللغة العربية وتعلم الدين شيء واحد ، بل إنّ اللغة العربية والدين صنوان لا يفترقان .
بعض العلماء قسم اللغات الإنسانية إلى أقسام ثلاثة : اللغات المنعزلة ، واللغات الإلصاقية ، واللغات التحليلية .
معنى المنعزلة هذه اللغة تشبه لغة أهل الصين ، يعني أن الكلمة لا تتبدل ولا تتغير ولا يضاف عليها ولا تصرف وليس منها فعل ولا فاعل ولا اسم فاعل ولا فعل مضارع ولا فعل أمر ولا مصدر ولا صفة مشبهة ولا اسم مكان ولا اسم زمان ، هذه الكلمة لا سواها ، هذه لغات الشعوب البدائية ويمكن أن تنطوي لغة الصين تحت هذا القسم .
وهناك نوع آخر من اللغات ، إنها اللغات الإلصاقية منها اللغة اليابانية واللغة التركية ، أي أنها تضيف حرفاً فتغير المعنى ، وكلكم يعلم ما معنى كلمة أدب سيس ، عقل يوك ، يعني هذه لغة إلصاقية تضيف حرفاً أو حرفين فتعطي عكس المعنى .
لكنّ اللغة العربية وبعض اللغات التحليلية تعد من أرقى اللغات الإنسانية، مثلاً عرف فعل ماض ، يعرف فعل مضارع ، اعرف فعل أمر ، عرّف هذا فعل مزيد ، نقول قطع وقطّع ، كسر وكسّر ، وغلّقتِ الأبواب ، غلّق الباب بمعنى أرتجه ، أما غلق الباب بمعنى رده ، إذاً هناك وزن فعل ووزن فعّل ، هناك وزن تفاعل ، فاعل ، كاتب ، راسل ، قاوم ، دافع ، فهناك مشاركة ، فعرف وعرّف وتعرّف وتعارف وعرف والعُرف والعرف والأعراف والعراف والتعريف والعرفان والمعرفة والعارف ، أي أنّ الكلمة الواحدة يوجد منها فعل ماض ، فعل مضارع ، فعل أمر ، مزيد على الثلاثي بحرف مثلاً فعّل ، بحرفين تفاعل ، بثلاث استفعل ، هناك اسم فاعل عارف ، اسم مفعول معروف ، اسم آلة ، اسم تفضيل أعرف ، اسم زمان ، اسم مكان ، صفة مشبهة لاسم الفاعل ، هذه كلها مشتقة من مادة عرف وعلى هذا فقس علم ، يعلم ، اعلم ، عالم ، معلوم، علاّم ، عليم ، تعليم .
فاللغة العربية تمتاز بأنها لغة تحليلية متصرفة ، فمثلاً باللغات الأجنبية الكتاب book ، والطاولة table ، وكتب write ، أما باللغة العربية كتب ، مكتب ، كتاب ، من أسرة واحدة .
لا أريد من هذه التفصيلات أن يكون الدرس في اللغة العربية ، ولكن أريد أنّ أقول حينما جعل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم عربياّ إنّ في اللغة العربية خصائص موضوعية تجعلها من أرقى اللغات الإنسانية ، شيء آخر في اللغة العربية الإعراب ، الإعراب يعني حركة واحدة تغير المعنى مثلاً قال تعالى :

( سورة فاطر )
العلماءُ فاعل مؤخر ، ولفظ الجلالة منصوب على أنه مفعول به مقدم ، بوضع الضمة على كلمة العلماء معناها هي الفاعل ، ووضع الفتحة على لفظ الجلالة معناها مفعول به منصوب على التعظيم مفعول به ، إذاً بحركة واحدة يتبدل المعنى مثلاً :

( سورة التوبة )
بحسب التصور وكلمة الله هي العليا ، لو قلنا كلمة الله هي العليا المعنى فاسد لأنه جعل كلمة الذين كفروا السفلى يعني كانت عليا فجعلها سفلى وكلمةَ اللهِ هي العليا يعني كانت سفلى فجعلها عليا المعنى فاسد :

( سورة التوبة )
فتحريك أواخر الكلمات بحركات هي حروف مد مخطوفة ، هذا شيء يضفي على اللغة العربية دقة بالغة لذلك ظاهرة الإعراب ظاهرة أساسية في اللغة العربية ، من هنا قالوا إنّك تفهم النص فتقرأه صحيحاً ، لكنك في بعض اللغات الأخرى تقرأ فتفهم ، أما عندنا تفهم فتقرأ، لابدّ من أن تكون عينك على كلمة لاحقة حتى تحسن قراءتها ، قالت له : يا أبت ما أجملُ السماء، قال : نجومها ، قالت : لست أريد هذا ، أريد أنّ السماء جميلة ، قال : قولي ما أجملَ السماء ! بينما أجملُ السماء لهل معنى ، وما أجملَ السماء لها معنى آخر .
فظاهرة الإعراب ظاهرة راقية جداً في اللغة العربية ، مثلاً إذا أردت أن تقول إنّ زيداً ضرب عمرواً ، من دون إعراب يجب أن تقول أنَّ الذي ضرب عمرواً هو زيدٌ ، إذا قلت ضرب زيدٌ عمرواً بهذه الضمة جعلته فاعلاً ، وبهذه الفتحة جعلته مفعولاً به ، إذاً ظاهرة الإعراب ظاهرة دقيقة جداً .
هناك التحريك أيضاً مثلاً البَر والبُر والبِر ، البَر يعني اليابسة ، والبُر هو القمح ، والبِر هو الإحسان ، بالبِر يستعبد الحُر ، قدَم وقدُم وقدِم ، قدَم بمعنى سبقه بقدمه ، وقدُم أصبح قديماً ، وقدِم بمعنى حضر ، خلْق وخُلُق وخلِق ، خلِق بمعنى مضطرب ، خُلُق بمعنى الأخلاق ، الخلْق بمعنى البنية ، كان عليه الصلاة والسلام حَسَنَ الخَلْقِ والخُلُق ، أمثلة كثيرة يَثني لها معنى و يُثني لها معنى ، يَثني بمعنى يطوي ، أما يُثني بمعنى يمدح ، الفرق حركة واحدة ، إذاً هذه الحركات تضفي دقة بالغة على الكلمات ، هذه ظاهرة من ظواهر اللغة العربية :

( سورة يوسف )
شيء آخر قال بعض علماء فقه اللغة : إنّ هناك ظاهرة في اللغة العربية دقيقة جداً وهي مناسبة الحروف لمعانيها ، أي كل كلمة فيها حرف سين فيها شيء داخلي ، إحساس داخلي كان تقول نفس ، حس ، إنس ، لمس، همس ، وسوسة ، سر أية كلمة فيها حرف السين فيها شيء داخلي يجول في النفس ، وأية كلمة فيها حرف غين مثلاً غائب ، في غيبوبة ، ليس أمامنا ، غيبة تتحدث عنه في غيبته ، غيب شيء لم يقع بعد ، غامض غير واضح ، غريب ليس من هذا البلد ، تلاحظون أنّ أية كلمة فيها حرف الغين فيها معنى الغيبوبة والاستتار ، أية كلمة فيها حرف الراء فيها معنى التكرار جرّ ، مرّ، كرّ ، فرّ ، والذي يغرق قال بعض العلماء: لِمَ نقول للذي يغرق غرق لأنّه غاب عن الأنظار وضعنا الغين ، تتالى سقوطه وضعنا الراء ، ارتطم بقاع البحر وضعنا القاف ، طرق ، لصِق، عبِق ، هناك حركة عنيفة في القاف ، هذه الظاهرة اسمها مناسبة الحروف لمعانيها ، واللغة العربية وحدها تنفرد بهذه الظاهرة ، أي وسوسة، زقزقة ، كلمة زقزقة لو لم تعرف معناها أصوات هذه الكلمة تشعرك بمدلولها .
هناك أيضاً الاشتقاق الكبير أي كما قلت قبل قليل هناك اسم فاعل ، اسم مفعول ، هناك صيغ مبالغة لاسم الفاعل نقول فعّال يعني كذّاب ، يعني كثير الكذب ، كذوب على وزن فعول ، رحيم على وزن فعيل ، فاروق على وزن فاعول ، حذِر ، قلِق ، مرِن ، قذِر على وزن فعِل ، أي أنّ هناك صيغ مبالغة لاسم الفاعل ، واسم فاعل ، اسم مفعول ، اسم مكان ، اسم زمان، اسم آلة قال تعالى :

( سورة الإسراء )
لم يقل الله عز وجل مَدخل صدق ، المَدخل اسم مكان من دخل ، أما مُدخل اسم مكان من أدخل ، مادام إدخال إذاً مُدخل ، إخراج مُخرج ، إن كان إخراج قصري هذا مُخرج ، إذا خروج طوعي هذا مَخرج ، عندنا أيضاً اشتقاق كُبّار هو النحت مثلاً سبحل ، سبحان الله اختصرت بكلمة سبحل، أدام الله عزك اختصرت بكلمة دمعز ، لا حول ولا قوة إلا بالله اختصرت بكلمة حوقل ، لا إله إلا الله اختصرت بكلمة هلل ، الله أكبر اختصرت بكلمة كبّر ، يعني سبحل ودمعز وحوقل و هلل وكبّر وحمدل وحيعل أي قال : حي على الفلاح ، إذاً في اللغة العربية اشتقاق صغير وكبير وكبّار وتصريف وتحليم وتكبير ، مثلاً كل واحد منا يستطيع أن يصوغ مصدراً صناعياً ، أية كلمة أضف إليها ياء مشددة وتاء مربوطة تصبح مصدراً صناعياً ، الجمهورية الشعبيّة ، الطلابيّة، العنصريّة ، الوطنيّة ، القومية ، إذاً هذا الذي أنقله لكم لا على سبيل الحصر ، بل على سبيل المثال ، شيء آخر أنّ أصوات هذه اللغة ثابتة فهم يسمون لغتنا لغة الضاد لأنّ أوسع مدْرج صوتي في لغات العالم هي اللغة العربية ، ليس في لغات الأرض لغة واحدة فيها حرف الضاد :

( سورة يوسف )
يوجد عندنا في اللغة العربية الضاد وعندنا الدال ، الطاء حرف مفخم ، والتاء حرف مرقق ، كل واحد حرف ، والصاد حرف مفخم ، والسين حرف مرقق ، عندنا صاد وسين ، عندنا ضاد ودال، عندنا طاء وتاء ، عندنا سين وزاي ، هذه حروف منوعة ، عندنا شيء آخر ليس في لغات الأرض كلها من دون استثناء أمة يقرأ طلابها شعراً قيل قبل ألف وخمسمائة عام إطلاقاً ، طلابنا في الصف العاشر يقرؤون شعر امرئ القيس وقد قيل قبل ألف وخمسمائة عام ، أما الإنكليز شكسبير شاعرهم الشهير توفي في القرن السادس عشر ولا يستطيع إنسان بريطاني واحد أن يقرأ شعر شكسبير كما كتبه ، شعر شكسبير مترجم من اللغة الإنكليزية القديمة إلى اللغة الإنكليزية الحديثة ، أما أن يقرأ طلابنا شعراً قيل قبل ألف وخمسمائة عام ثبات اللغة العربية ، ثبات أصواتها ، ثبات كلماتها ، ثبات قواعدها :

( سورة يوسف )
ترادف اللغة العربية ظاهرة فريدة ، مثلاً تقول نظر إلى الشيء معروف ، معلوم عندكم معنى هذا الفعل ، لكن عندنا فعل رأى ، رأى تشمل النظر بالعين ورؤية القلب ، عندنا فعل حدّج أي نظر مع المحبة ، قال عليه الصلاة والسلام :
" حدِّث القوم ما حدّجوك بأبصارهم "
حدّج أي نظر مع المحبة ، رنا نظر مع الاستمتاع ، نظرت إلى البحر تقول رنوت إليه ، شخَص نظر مع الخوف قال تعالى :

( سورة الأنبياء )
نظر شذراً مع الاحتقار ، استشف نظر مع اللمس ، استشرف نظر مع التمطي ، حدّج نظر مع المحبة ، بحلق اتسعت حدقة العين ، حملق ظهر حملاق عينه ، هناك حملق وبحلق وحدّق وحدّج ونظر شذراً وشخَص واستشف واستشرف ونظر ورأى ورنا ، كل فعل يعني حالة خاصة من حالات النظر قال تعالى :

( سورة يوسف )
ينبغي أن نعتز بهذه اللغة ، أنا أتحدى أي طالب جامعي يحمل شهادة ليسانس أن يقرأ القرآن بلا غلط ، الناس متهافتون على تعلم اللغات الأجنبية حباً بالمال ، حباً بالتجارة ، حباً بالاستيراد ، حباً بالتعامل ، حباً بالوظيفة ، ولكنّ المؤمن ينكب على تعلم اللغة العربية لأنها من الدين :
" تعلموا العربية فإنّها من الدين "
وقف أمام النبي الكريم رجل يقرأ فلحن في قراءته فقال عليه الصلاة والسلام : أرشدوا أخاكم فإنّه قد ضلْ .
أرشدوا أخاكم ، كان عليه الصلاة والسلام أفصح العرب ، لذلك قال العلماء : إنّ أفصح كلام بعد القرآن الكريم كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، أنا أفصح العرب قال بيد أنّي من قريش ، قريش أفصح القبائل وهذا أسلوب اسمه أسلوب تأكيد المدح بما يشبه الذم ، أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ، إنّ من البيان لسحراً وإنّ من الشعر لحكمة ، هكذا قيل .
في اللغة العربية ظواهر غريبة جداً مثلاً عندنا ظاهرة اسمها المشترك اللفظي ، فكلمة يشري لها معنيان متعاكسان يبيع ويشتري قال تعالى :

( سورة لقمان )
جاءت هنا بمعنى يبيع ، كلمة المولى مثلاً تأتي بمعنى السيد والعبد ، مولاي يا سيدي ، ومولاي عبدي ، كلمة ظنّ بمعنى تأكد أو حسب قال تعالى :

( سورة البقرة )

( سورة الحجرات )
لها معنيان ، الجو الأبيض أو الأسود هذا اسمه المشترك اللفظي ، عندنا ظاهرة في اللغة اسمها التضاد ، مثلاً سميت الصحراء المخيفة مفازاً الإنسان لا يفوز فيها يربى فيها ، سميت مفازة على عكس واقعها تفاءلاً لمن كان فيها بالفوز ، وسمي الملدوغ من أفعى أو عقرب سليماً تفاؤلاً له بالسلامة هذا التضاد ، وفيها ترادف يعني عدّ العلماء أكثر من ستة آلاف اسم للجمل ، اتساع العربية في التعبير ، هذا غيض من فيض ، هناك كتب تزيد عن أربعمائة صحيفة كلها في خصائص اللغة العربية ، البحث متعلق بعلم اسمه علم فقه اللغة ، هذا العلم يؤكد أنّ الله سبحانه وتعالى اختص هذه اللغة لكلامه ، فشَرُفت بكلام الله ، وشَرُفنا بانتسابنا لهذه اللغة وانتسابنا لهذه الأمة ، إذا خصص الإنسان جزءاً من وقته لتعلم العربية فسوف يجد أحكاماً دقيقة جداً ، يعني فهم كتاب الله يحتاج إلى تعلم اللغة العربية ، لمعرفة الكلام ، أنواع الكلام ، ماذا تعني هذه الكلمة ، ماذا تعني هذه العبارة ، لمَ هذه الكلمة منصوبة ، لمَ هي مفتوحة ، لمَ مجرورة .
على كلٍ أردت من هذه المقدمة اللغوية أن أؤكد لكم أنّ كلام الله سبحانه وتعالى اختاره الله ، اختار اللغة العربية قالباً له ، لأنّ اللغة العربية من أرقى اللغات الإنسانية باعتراف كبار علماء اللغة الأجانب ، يرون أن اللغة العربية من أوسع اللغات الإنسانية في التعبير ومن أشدها مرونة وقدرة على استيعاب كل الأشياء الغريبة عنها ، أي أنّ اللغة العربية الآن استوعبت كل منجزات العصر الحديث ومع ذلك ترى من الناس من يستعلي باستخدام الكلمات الأجنبية ، وهذه نزعة شعوبية نعوذ بالله منها ، شيء آخر في قصة هذا النبي الكريم سماه النبي عليه الصلاة والسلام الكريم ابنُ الكريم ابنِ الكريم ابنِ الكريم يوسف بن اسحاق عليه السلام بن إسماعيل بن إبراهيم الكريم ابنُ الكريم ابنِ الكريم ابنِ الكريم ، لن أبدأ بتفسيرها في هذا اللقاء ولكن سوف أضع بعض الحقائق بين يدي هذه السورة الكريمة ، هذه السورة فيها مقدمة تتحدث عن أنّ القرآن عربي ، وقد شرحت لكم قبل قليل شيئاً من ذلك ، ثم فيها إشارة إلى أنّ أسلوب القصة يعد من أرفع أساليب التوجيه ، لذلك الذي يملك قدرة على رواية قصة يملك القدرة على الأخذ بالقلوب ، ربنا عزّ وجل يقول :

( سورة يوسف )
يعني في القصة خصائص تجعل الإنسان يهفو إليها ، أولاً : العنصر الإنساني عنصر بارز في القصة ، فالقصة تتعلق بالإنسان ، بعواطفه ، بمشاعره ، بمواقفه ، بارتفاعه ، بانحطاطه ، بقوته ، بضعفه ، بأحزانه بأفراحه ، بمآسيه ، بنكباته ، بمنجزاته ، أبرز ما في القصة العنصر الإنساني ، لذلك ما الذي سوف نجده في هذه القصة ، نجد الحب الأبوي :

( سورة يوسف )
لا يعرف الحزن إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
لو قرأ هذه القصة أبٌ كريم لذابت نفسه تفاعلاً معها ، لأنها تتحدث عن عواطفه تجاه ابنه ، في هذه القصة الحب الأبوي في أسمى صوره :

( سورة يوسف )
قلق الأب ، شوق الأب ، فرح الأب ، فارتدّ بصيراً ، حينما ألقوا عليه قميص يوسف ارتد بصيراً ، هذا هو الأب ، هذه هي الرحمة التي أودعها الله في قلب كل أب ، ولكنها تزيد عن مثيلاتها في المؤمن ، وتزيد عن مثيلاتها في الأنبياء .
الغيرة والحسد أوسع أمراض البشر انتشاراً ، لو أردت أن تحلل معظم المشكلات بين الناس الخصومات ، العداوات ، أنواع الطلاق ، الأعمال التي تسبب الأذى ، لوجدت أنّ السبب الرئيسي هو الغيرة والحسد :

( سورة يوسف )
سوف نكيد له ، التفاوت في التصرف :

( سورة يوسف )
التفاوت في المواقف ، الإنسان مخير ، هذا وقف موقفاً إجرامياً ، وهذا وقف موقفاً معتدلاً ، وهذا وقف موقفاً مستنكراً ، تفاوت في ردود الفعل في بني البشر يتضح في هذه القصة أيضاً المكر والخداع :

( سورة يوسف )
وفي آية أخرى :

( سورة النساء )
الشيطان وطغيانه وصف الله كيده بأنه كان ضعيفاً ، وأما النساء فوصف الله كيدهنّ بأنّ كيدهن عظيم ، يعني امرأة تستطيع أن توقع الفساد بين مائة أسرة ، توقع الشقاق بين الأخوة ، بين الآباء والأبناء ، بين الآباء والأمهات بين الأخوة ، بين الشركاء ، وكم من قصة أفسدت العلائق سببها امرأة ، والذين يتابعون جرائم الناس ويعملون في تقصي المجرمين عندهم قاعدة هي أنّ كل جريمة وراءها امرأة ، يقولون فتش عن المرأة المكر والخداع ، حينما واجه العزيز امرأته وهي تراود فتاها عن نفسه قالت :

( سورة يوسف )
هي التي راودته وأوهمت زوجها أنه هو الذي راودها وكيف أدخلته السجن المكر والخداع والشهوة ، كيف أنّ الإنسان إذا بعُد عن الله عز وجل صار عبداً لشهوته ، كيف أنّ الشهوة تَطغى وتُطغي وتردي صاحبها ، وكيف أنّ مشاعر الندم قد تغمر الإنسان وهذا أيضاً مضمون من مضامين هذه القصة الكريمة ، وكيف أنّ الإنسان يرتفع حتى يعفو عن خصومه الذين كادوا له وهو في أشد حالات القوة ، وهو أقدر ما يكون على أن ينتقم منهم :

( سورة يوسف )
يعني هناك آلاف العِبر ، وآلاف الدروس ، وآلاف الاستنباطات ، في الحياة الاجتماعية والحياة الأسرية والحياة الشخصية وعلاقة الإنسان مع غيره ومع مجتمعه ومع أقربائه ومع خالقه ، كل هذا يتضح من قصة هذا النبي الكريم ، وهناك تصوير في هذه القصة للبيئة ، لبيئة المجتمع المتحضر ، وما فيه من علاقات متفسخة أحياناً ، وكيف القوي والضعيف وكيف المكر والكيد ، إنّ كل هذه المعاني من مضامين هذه القصة التي تعد أطول قصة في القرآن الكريم ، وهناك ميزة أخرى أنّ قصص الأنبياء لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى جاءت في مواطن متعددة من كتاب الله ، وجاءت على شكل مختلف ، فقصة سيدنا موسى تكررت سبع عشرة مرة ، وفي كل مرة تُعجب بطريقة العرض والسرد ، في كل مرة لها طريقة تختلف عن طريقة قيلت فيها في موضع آخر ، لو وقفت عند هذه الطرائق في العرض والطرائق في الرواية لأخذك العجب العجاب ، ولكنّ قصة يوسف لم تتكرر إطلاقاً ، ولم يستطع أحد تطوير هذه القصة لأنها كما يقولون نسيج وحدها ، هذه قصة لم تتكرر وتلك قصص قد تكررت ، والإعجاز في التكرير وفي عدم التكرير .
شيء آخر طائفة من اليهود حينما سمعوا هذه القصة أسلموا لمطابقتها لما ورد عندهم في التوراة ، لذلك تعد هذه القصة من دلائل نبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والدليل قال تعالى :

( سورة يوسف )
وفي نهاية القصة قال تعالى :

( سورة يوسف )
من أعلمك بهذا لاشك أنّك رسول الله ، إذاً في هذه القصة دلائل على نبوة ورسالة المصطفى عليه الصلاة والسلام ورسالته ، والشيء الذي يلفت النظر أنّ القصة كفن أدبي بلغت أعلى مستواها في هذه العصور ، يعني تعد القصة الآن أكبر فنون الأدب وأوسع الفنون انتشاراً ولها مقومات فنية دقيقة دقة بالغة ، هناك مجلدات تدرس فنّ القصة ، بحث الشخصيات ، تصوير الشخصيات ، الشخصيات التحليلية ، الشخصيات التمثيلية ، بحث عن الحوار وأنواع الحوار والسرد والوصف والحوار التمثيلي والحوار التحليلي وعرض خبايا النفس من خلال الحوار وبحث عن البيئة وتفاعلها مع الشخصيات والحوادث وبحث عن حبكة القصة وعن تقديم هذا الحدث وعن تأخيره ، إنّ قصة سيدنا يوسف فيها كل المقومات الفنية للقصة الحديثة من دون إخلال بالغرض الديني ، بالعكس إنّ الخصائص الفنية لهذه القصة تعد في خدمة الغرض الديني لها ، هذا درس لنا إذا أردت أن تدعو إلى الله عز وجل ليكن كلامك بليغاً ، ليكن كلامك رائعاً ، ليكن مسبوكاً سبكاً حسناً ، فإذا سخّرت خصائص الفن التعبيري لمضمون بليغ فقد حققت هدفاً نبيلاً ، ماذا تجد ؟ تجد شاعراً كبيراً سخّر طاقاته اللغوية والأدبية لأهداف خسيسة ، لوصف نزواته الشخصية ، لوصف مشاعره تجاه امرأة ، لوصف امرأة ، هذه القدرات البلاغية واللغوية والأدبية سخّرت لأغراض دنيئة وقد تجد إنساناً يؤمن بالله عز وجل وينطوي على أفكار وعقائد في غاية الأهمية إذا أراد أن يعرضها لا يقوى على عرضها عرضاً بيانياً رائعاً لذلك يُنَفِّرُ الناس منها ، فإذا سخرت القدرات اللغوية والأدبية والفنية لعرض الحق عرضاً واضحاً دقيقاً جذاباً مؤثراً سحرياً فقد حققت الكمال في المضمون والشكل ، لذلك :
"تعلّموا العربية فإنّها من الدين "
أنا أغريكم ولو تقدمت بكم السن ولو تجاوزت سنين الدراسة أن يكون لكم في الأسبوع جلسة مع هذه اللغة التي تقرؤون القرآن بها ، لغتكم لغة آبائكم وأجدادكم ، شيء آخر في هذه القصة أنّ مضمونها كله حول التوحيد وقد جاء مغزاها في آية واحدة قال تعالى :

( سورة يوسف )
يعني أنت تريد وأنا أريد فإذا سلّمْتَ لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تُسَلِّمْ لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد، يجب أن تؤمن إيماناً راسخاً أنّه إذا أردت ما أراده الله سعدت في الدنيا ، وإن لم ترد ما أراده الله أتعبك الله في الدنيا ثم لا يكون إلا ما أريد ، ماذا أراد أخوة يوسف ؟ أن يقتلوه ، أرادوا أن يضعوه في الجب ، أن يعزلوه عن أبيه ، أرادوا به كيداً ، وأراد الله له أن يكون نبياً، أن يكون عزيز مصر ، خرج مرة في موكبه فرأته جارية تعرفه يوم كان عبداً في هذا القصر ، فقالت قولتها الشهيرة : سبحان الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته ، وجعل الملوك عبيداً بمعصيته ، يعني هذا الموقف :

( سورة يوسف )
هذا الموقف رفعه إلى أعلى عليين ، جعله نبياً ، جعله عزيز مصر ، جعله في قمة المجتمع ، ودخل عليه أخوته وهم صاغرون قال تعالى :

( سورة يوسف )
فقالوا له : يا أخانا اغفر لنا ذنبنا ، فأجابهم : لا تثريب عليكم اليوم ، ماذا أراد الله له ، أرادوا أن يقتلوه ، وضعوه في الجب ليكون عبداً طوال حياته ، وأراد الله له أن يكون نبياً وعزيزاً وحاكماً ، إذاً :
كن مع الله تر الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك

( سورة يوسف )
الله سبحانه وتعالى أمره هو النافذ من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام :
" عدلٌ فيّ حكمك أبداً ، أو ماضٍ فيّ قضاؤك "
أحياناً أخ كبير يغتصب ثروة أخيه الصغير ، يموت الأب يترك ميراثاً واسعاً ، كبير وصغير ، يأتي الكبير فيغتصب مال الصغير ، هكذا أراد ولكنّ الله له إرادة أخرى ، هذا الصغير يوفقه الله فيشتري من الكبير ، حتى يصبح الكبير فقيراً وهو أجير عند الصغير .
قد تُطلق هذه المرأة ظلماً تريد أن تحطمها أن تسحقها أن تجعلها في أسفل سافلين ، يأتي إنسان آخر فيتزوجها ويرفع شأنها ويكرمها وقد تكون أنت أجيراً عنده ، وقد يستخدمك لنقل حاجاته إلى البيت ، تفتح لك الباب ، تقول لك : ضع الأغراض هنا ، أنت ماذا أردت حينما طلقتها ؟ أن تحطمها ، ماذا أراد الله ؟ أراد أن يرفعها ، أنت تريد وأنا أريد فإذا سلّمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد .
شيء آخر في القصة إشارة إلى حتمية نصر الله سبحانه وتعالى :

( سورة يوسف )
إذا قرأت هذه القصة يمتلئ قلبك ثقة بنصر الله ، يمتلئ قلبك ثقة بأنّ الله سبحانه وتعالى لابد من أن يفرِّج عن عباده ، حتى إذا استيئس الرسل يعني حتى أنّ اليأس وصل إلى الرسل ، كانوا آخر الناس يأساً قال تعالى:

( سورة يوسف )
وهذا مما تشتمل عليه هذه القصة الكريمة ، شيء آخر هناك إشارات في هذه القصة إلى موضوعات عدة منها لفت نظر إلى الكون قال تعالى :

( سورة يوسف )
دعوة إلى التفكر في آيات الله التي بثها الله في السماوات والأرض ، شيء آخر في القصة تقريع لهؤلاء المؤمنين الذين هم في تصرفاتهم مشركون ، في عقيدتهم مؤمنون ، وفي تصرفاتهم مشركون ، هذا الذي يعصي ربه خوفاً من إنسان مشرك ، هذا الذي يتقاعس عن مجلس علم خوفاً من إنسان أو إرضاءً لإنسان عند الله مشرك قال تعالى :

( سورة يوسف )

( سورة يوسف )
شيء آخر ، هناك إشارة إلى التاريخ قال تعالى :

( سورة يوسف )
دعوة إلى الاتعاظ بأحداث التاريخ السابقة ، وفي القصة إشارة إلى أنّ كل أمة لا تستقيم على أمر الله وتكذب بآيات الله لابد من أن يهلكها الله سبحانه وتعالى :

( سورة يوسف )
وفي نهاية المطاف إشارة إلى علامة سابقة من علامات الدعاة السابقين قال تعالى :

( سورة يوسف )
علامة الداعية الصادق أنه يدعوك على بصيرة لا على عمى ، في القصة مقدمة فيها إشارة إلى قيمة اللغة العربية وإلى قيمة أسلوب القصة في التوجيه ، والقصة لها مغزى كبير وهو وحدانية الله سبحانه وتعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mostafa
Admin
mostafa


عدد المساهمات : 22
نقاط : 58
تاريخ التسجيل : 26/11/2009
العمر : 35
الموقع : ttp://mostafamoawed.hooxs.com

بحر الدموع Empty
مُساهمةموضوع: بسم الله ما شاء الله   بحر الدموع Icon_minitimeالسبت نوفمبر 13, 2010 10:35 pm

بصراحه الله ينور ميه ميه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mostafamoawed.hooxs.com
 
بحر الدموع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مصطفى معوض حسان معوض :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: